في دولة صرنا نتبجح بأن نسبة التمدرس فيها هي
99 بالمائة - و هي بالمناسبة المعلومة الإحصائية الوحيدة التي قد يقدمها لك المعهد
الوطني للإحصاء – ظهرت عديد النقائص تحاول الوزارة اليوم تلافيها بالوقوف موقف
حركة محمود المسعدي المجيد في صدر الاستقلال خاصة و أن نسبة التلاميذ الذين
يزاولون دراستهم بمؤسسات حكومية هو 99.4 بالمائة لتكون بذلك تونس بالمرتبة السادسة
من ثلاث و ستين دولة يشملهم البرنامج الدولي لمتابعة مكتسبات التلميذ التابع
لمنظمة التعاون و التنمية الاقتصادية. بذلك يطرح هذا العدد الهائل لمنظوري
المؤسسات التي هي تحت إشراف الوزارة عديد الاشكالات التي أدت لحقيقة الفشل.
فشل المنظومة التربوية:
و أسباب هذا الفشل و إن تعددت فإنها ذات فرع
مشترك و هو نقص الموارد المالية و الذي نعتبره في الحقيقة تجاهلا للقطاع و تنكرا
لسياسة أرستها القيادة البورقيبية إبان الاستقلال و أظهرت نتائج باهرة في ما يخص
النهوض بالمستوى الفكري و الثقافي و العلمي لأفراد المجتمع بالاستثمار في التعليم
دون السلاح و هو ما تسابقت إليه أغلب الدول العربية في وقت ما. و دارت دوائر الزمن
لنشهد يوما في مسيرة تونس الحديثة ما بعد الثورة تكون فيه ميزانية وزارة الشؤون
الدينية أرفع من ميزانية وزارة التربية. فكأن لكل زمان سلاحه الذي يتدرب عليه
أبناؤه ثم يعودون به مغتالين لقادتهم و منقلبين على إرادة شعوبهم. ذلك أن مؤشر
نوعية موارد المؤسسات التعليمية هو ناقص 1.35 لنكون برتبة 62 غير تاركين إلا
للبيرو و كولمبيا خلفنا.
و قد ألقى هذا الفشل بخيبته على المجتمع فحسب
خلية علوم الاجرام في مركز الدراسات القضائية 57 بالمائة من الذين بين 13 و 18 سنة
يتعاطون المخدرات. و لتنصدم أكثر بمعرفة أن 50 بالمائة من تلاميذ تونس يتعاطون
المخدرات حسب مقالة نشرت بجريدة الصباح. أما نسب الذين جربوا فهي حسب تقرير إدارة
الطب المدرسي و الجامعي التابعة لوزارة الصحة 61.1 بالنسبة للذكور و 40.9 بالنسبة
للإناث و قد كانت هذه الأخيرة 10 بالمائة قبل الثورة. و ان كانت تخامرك التساؤلات
حول الغرض من التدقيق و المقارنة في نسب الإناث دون الذكور فذلك لأن الجمعية
التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات صرحت بأن 30 بالمائة من مستهلكي الزطلة عموما
إناث و 10 بالمائة من المستهلكين إجمالا فتيات لم يبلغن سن الرشد و ذلك مع رصد
تلميذات بصدد الترويج لهذه المادة المخدرة. فلا يبقى مدعاة للدهشة علمنا بأنه من
14 ألف حالة إجهاض سنوية في تونس 6 بالمائة من هذه الحالات هي لتلميذات حسب موقع
المصدر الالكتروني.
الحلول:
تفصيل العلل يستوجب بداهة تقديم الحلول. فإذا
علمن أنه حسب السيد عبد المجيد الزحاف رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي
المخدرات في حوار مع العربي الجديد التهريب و عدم اهتمام الأساتذة بالإصغاء
للتلاميذ هي الأسباب وراء تفشي هذه الظواهر. الحل يكون إذن اعتماد مقاربة تقوم على
ثنائية الرقابة و الإصغاء.
أما الرقابة فبتعزيز عدد القيمين بالمعاهد و
المدارس الثانوية و إعادتهم إلى سالف وقعهم على نفس الطالب للحد الذي دفع بأحد
الأدباء الفرنسيين إلى وصفهم بالقول: «
les surveillants étaient surnommés les pions dans le jargon scolaire »
و قد كان هؤلاء البيادق العين الساهرة على سلامة و انضباط صف التلاميذ.
و أما الاصغاء فبإجراء استطلاعات دورية لآراء
التلاميذ و بعث خلايا توعية و ارشاد صلب المؤسسات التعليمية و وضع إطارات سامية
على رأسها و فرض حصص تربية جنسية دورية بها. ذلك كله إلى جانب واجب إعادة النظر في
المواد المدرسة و الاختصاصات المطروحة و البيداغوجية المعتمدة. إضافة الى الزامية
رقمنة التعليم في تونس و ادخاله عصر التكنولوجيا الحديثة و الاستغناء عن الوسائل
التقليدية لاستسقاء المعلومة و محاملها البالية.
نشرت هذه المقالة و الصورة المرفقة بتاريخ 12 أكتوبر 2015 في المعلقة (مجلة حائطية اسبوعية كانت تصدر عن منتدى الحقوقيين بكلية الحقوق و العلوم السياسية بسوسة و قد كنت رئيس تحريرها)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق